ارحل وعارك فى يديكْ ....
كل الذى أخفيته يبدو عليكْ
فاخلع ثيابك وارتحلْ
اعتدتَ أن تمضى أمامَ الناسِ دوماً عارياً
فارحل وعارُكَ فى يديكْ
لا تنتظر طفلاً يتيماً بابتسامته البريئة
أنْ يقبِّلَ وجنتيكْ
لا تنتظر عصفورةً بيضاءَ تغفو فى ثيابكَ
ربما سكنتْ إليكْ
لا تنتظر أُمّاً تطاردها دموعُ الراحلينَ
لعلها تبكى عليكْ
لا تنتظر صفحاً جميلاً
فالدماءُ السودُ مازالت تلوث راحتيكْ
وعلى يديكَ دماءُ شعبٍ آمنٍ
مهما توارتْ لن يفارق مقلتيكْ
كل الصغار الضائعين
وشمَ عارٍ فى جبينكَ
كلما أخفيتَه يبدو عليكْ
ماذا تبقى من حشود الموتِ
فى صنعاء .. قلْ لى
لم يعد شىء لديكْ
هذى نهايتك الحزينة
بين أطلال الخرائبِ
والليالى السودُ.. شاهدةً عليكْ
فارحل وعاركَ فى يديكْ
الآن ترحل غير مأسوفٍ عليكْ..
■ ■ ■
ارحل وعارُكَ فى يديكْ
انظرْ إلى صمتِ المساجدِ
والمنابر تشتكى
ويصيحُ فى أرجائها شبحُ الدمارْ
ويطوفُ فيها الموتُ من دارٍ لدارْ
الآن ترحلُ عن ثراها
خلفَ جنودك القتلى
وعارك أى عارْ
مهما اعتذرتَ أمامَ شعبكَ
لن يفيدكَ الاعتذارْ
ولمن يكونُ الاعتذارْ؟
للأرضِ.. للطرقاتِ.. للأحياءِ..للموتى..
وللمدنِ العتيقةِ.. للصغارْ؟!
ولمن يكونُ الاعتذارْ؟
لمواكب التاريخ.. للأرض الحزينةِ
للشواطئِ.. للقفارْ؟!
لعيونِ طفلٍ
مات فى عينيه ضوءُ الصبحِ
واختنقَ النهارْ؟!
لدموعِ أمٍّ
لم تزل تبكى وحيداً
صارَ طيفاً ساكناً فوق الجدارْ؟!
لمواكبٍ غابت
وأضناها مع الأيام طول الانتظارْ؟!
لمن يكون الاعتذار؟
لأماكنٍ تبكى على أطلالها
ومدائن صارت بقايا من غبارْ؟!
للّهِ حين تنام
فى قبر وحيداً.. والجحيمُ تلال نارْ؟!!
■ ■ ■
ارحل وعارك فى يديكْ
لا شىء يبكى فى رحيلك..
رغم أن الناس تبكى عادة
عند الرحيلْ
لا شىء يبدو فى وداعك
لا غناءَ.. ولا دموعَ.. ولا صهيلْ
مالى أرى الأشجار صامتةً
وأضواءَ الشوارعِ أغلقتْ أحداقها
واستسلمتْ لليلِ.. والصمتِ الطويلْ
مالى أرى الأنفاسَ خافتةً
ووجهَ الصبح مكتئباً
وأحلاماً بلون الموتِ
تركضُ خلفَ وهمٍ مستحيلْ
اسمعْ جنودكَ
فى ثرى صنعاء ينتحبون فى هلعٍ
فهذا قاتلٌ.. ينعى القتيلْ..
جثث الجنودِ على المفارقِ
بين مأجورٍ يعربدُ
أو مُصاب يدفنُ العلمَ الذليلْ
ماذا تركتَ الان من ذكرى
على وجه الجداولِ..
غير دمع كلما اختنقتْ يسيلْ
صمتُ الشواطئ.. وحشةُ المدن الحزينةِ..
■ ■ ■
ارحلْ وعارُكَ فى يديكْ
هذى سفينَتك الكئيبةُ
فى سوادِ الليل ترحلُ
لا أمانَ.. ولا شراعْ
تمضى وحيداً فى خريف العمرِ
لا عرشٌ لديكَ.. ولا متاعْ
لا أهلَ.. لا أحبابَ.. لا أصحابَ
لا سنداً.. ولا أتباعْ
كلُّ العصابةِ فارقتكَ إلى الجحيمِ
وأنت تنتظرُ النهايةَ..
بعد أن سقط القناعْ
الكونُ فى عينيكَ كان مواكباً للشرِّ..
والدنيا قطيعٌ من رعاعْ
الأفق يهربُ والسفينةُ تختفى
بين العواصفِ.. والقلاعْ
هذا ضميرُ الكون يصرخُ
والشموعُ السودُ تلهثُ
خلفَ قافلةِ الوداعْ
والدهر يروى قصةَ السلطانِ
يكذبُ.. ثم يكذبُ.. ثم يكذبُ
ثم يحترفُ التنطُّعَ.. والبلادةَ والخداعْ
هذا مصيرُ الحاكمِ الكذابِ
موتٌ.. أو سقوطٌ.. أو ضياعْ
■ ■ ■
ما عاد يُجِدى..
أن تُعيدَ عقاربَ الساعاتِ..
يوماً للوراءْ
أو تطلبَ الصفحَ الجميلَ..
وأنت تُخفى من حياتكَ صفحةً سوداءْ
هذا كتابك فى يديكَ
فكيف تحلم أن ترى..
عند النهايةِ صفحةً بيضاءْ
الأمسُ ماتَ..
ولن تعيدَك للهدايةِ توبةٌ عرجاءْ
وإذا اغتسلتَ من الذنوبِ
فكيف تنجو من دماء الأبرياءْ
وإذا برئتَ من الدماءِ..
فلن تُبَرئَكَ السماءْ
لو سالَ دمعك ألفَ عامٍ
لن يطهرَكَ البكاءْ
كل الذى فى الأرضِ
يلعنُ وجهكَ المرسومَ
من فزعِ الصغارِ وصرخة الشهداءْ
أخطأتَ حين ظننتَ يوماً
أن فى التاريخ أمجاداً
لبعضِ الأغبياءْ..
■ ■ ■
ارحلْ وعاركَ فى يديكْ
وجهٌ كئيبٌ
وجهك المنقوشُ
فوق شواهدِ الموتى
وسكان القبورْ أشلاءُ
والدمارُ سفينةٌ سوداءُ
تقتحمُ المفارقَ والجسورْ
انظر إلى الأطفال يرتعدون
فى صخب الليالى السود..
والحقدُ الدفينُ على الوجوهِ
زئيرُ بركانٍ يثورْ
وجهٌ قبيحٌ وجهك المرصودُ
من عبثِ الضلالِ.. وأوصياءِ الزورْ
فالرصاصُ يطل من جثثِ الشوارع
والرَّدَى شبحٌ يدورْ
حزن المساجد والمنابرِ تشتكى
صلواتُها الخرساءُ..
من زمنِ الضلالةِ والفجورْ
■ ■ ■
ارحلْ وعاركَ فى يديكْ
ما عاد يُجدى
أن يفيقَ ضميركَ المهزومُ
أن تبدى أمامَ الناسِ شيئاً من ندمْ
فيداكَ غارقتانِ فى أنهار دمْ
شبحُ الشظايا والمدى قتلى
ووجه الكونِ أطلالٌ.. وطفل جائعٌ
من ألفِ عامٍ لم ينمْ
جثثٌ النخيل على الضفافِ
وقد تبدل حالُها
واستسلمتْ للموتِ حزناً.. والعدمْ
شطآن عدن كيف شردها الخرابُ
ومات فى أحشائها أحلى نغمْ
وطنٌ عريق كان أرضاً للبطولةِ..
صار مأوىً للرممْ!
■ ■ ■
ارحلْ وعاركَ فى يديكْ
مازلت تنتظر الجنود العائدينَ..
بلا وجوه.. أو ملامحْ
صاروا على وجه الزمانٍ
خريطةً صماءَ تروى..
ما ارتكبتَ من المآسى.. والمذابح
قد كنت تحلمُ أن تصافحهم
ولكن الشواهدَ والمقابرَ لا تصافِحْ
إن كنتَ ترجو العفو منهم
كيف للأشلاءِ يوماً أن تسامحْ
بين القبورِ تطل أسماءٌ..
وتسرى صرخةٌ خرساءُ
نامت فى الجوانحْ
فرقٌ كبيرٌ..
بين سلطانٍ يتوِّجُه الجلالُ
وبين سفاح تطارده الفضائحْ
■ ■ ■
الآن ترحل غيرَ مأسوفٍ عليكْ
فى موكبِ التاريخِ
سوفِ يطلُ وجهك
بين تجارِ الدمارِ وعصبةِ الطغيانْ
ارحل وسافرْ..
فى كهوفِ الصمتِ والنسيانْ
فالأرضُ تنزع من ثراها
كلَّ سلطان تجبر.. كلَّ وغْدٍ خانْ
الآن تسكر.. والنبيذ الأسود الملعونُ
من دمع الضحايا.. من دم الأكفانْ
سيطل وجهك دائماً
فى ساحةِ الموتِ الجبانْ
وترى النهايةَ رحلةً سوداءَ
سطرها جنونُ الحقدِ.. والعدوانْ
فى كل عصر سوف تبدو قصةً
مجهولةَ العنوانْ
فى كل عهدٍ سوف تبدو صورةً
للزيفِ.. والتضليلِ.. والبهتانْ
فى كل عصرٍ سوف يبدو
وجهك الموصومُ بالكذبِ الرخيص
فكيف ترجو العفو والغفرانْ
قُلْ لى بربكَ..
كيف تنجو الآن من هذا الهوانْ؟!
ما أسوأَ الإنسانَ..
حين يبيع سرَّ اللّه للشيطانْ
■ ■ ■
ارحلْ وعاركَ فى يديكْ
فى قصرك الريفى..
سوف يزورك القتلى بلا استئذانْ
وترى الجنودَ الراحلينَ
شريط أحزانٍ على الجدرانْ
يتدفقونَ من النوافذِ.. من حقولِ الموتِ
أفواجاً على الميدانْ
يتسللونَ من الحدائقِ.. والفنادقِ
من جُحُورِ الأرضِ كالطوفانْ
وترى بقاياهمْ بكل مكانْ
ستدور وحدك فى جنونٍ
تسألُ الناسَ الأمانْ
أين المفر وكل ما فى الأرضِ حولكَ
يُعلن العصيانْ؟!
الناسُ.. والطرقاتُ.. والشهداءُ والقتلى
عويلُ البحر والشطآنْ
والآن لا جيشٌ.. ولا بطشٌ.. ولا سلطانْ
وتعود تسأل عن رجالك: أين راحوا؟
كيف فر الأهلُ.. والأصحابُ.. والجيرانْ؟
يرتد صوتُ الموت يجتاح المدينَةَ
لم يَعُدْ أحدٌ من الأعوانْ
هربوا جميعاً..
بعد أن سرقوا المزادَ.. وكان ما قد كانْ!
ستُطِلُّ خلف الأفق قافلةٌ من الأحزانْ
حشدُ الجنودِ العائدينَ
على جناحِ الموتِ
أسماءً بلا عنوانْ
صور الضحايا والدماءُ السودُ..
تنزف من مآقيهم بكل مكانْ
الوافدونَ أمامَ بيتكَ
يرفعون رؤوسهم
وتُطل أيديهم من الأكفانْ
مازلتَ تسأل عن ديانتهم
وأين الشيخُ.. والقديسُ.. والرهبانْ؟
هذى أياديهم تصافحُ بعضَها
وتعود ترفُع رايةَ العصيانْ
يتظاهرُ العربى.. والغربى
والقبطى والبوذى
ضد مجازر الشيطانْ
حين استوى فى الأرض خلقُ اللّه
كان العدل صوتَ اللّه فى الأديان
فتوحدت فى كل شىء صورةُ الإيمانْ
وأضاءت الدنيا بنور الحق
فى التوراةٍ.. والإنجيلِ.. والقرآنْ
اللّه جل جلاله.. فى كل شىء
كرم الإنسانْ
لا فرقَ فى لونٍ.. ولا دينٍ
ولا لغةٍ.. ولا أوطانْ
«خلق الإنسان علمه البيان»
الشمسُ والقمر البديعُ
على سماء الحب يلتقيانْ
العدلُ والحقُ المثابر
والضميرُ.. هديً لكل زمانْ
كل الذى فى الكون يقرأ
سورةَ الإنسانْ..
يرسم صورةَ الإنسانْ..
فاللّه وحدنا.. وفرق بيننا الطغيانْ
■ ■ ■
فاخلعْ ثيابكَ وارتحلْ
وارحل وعارك فى يديكْ
فالأرضُ كل الأرض ساخطةٌ عليكْ
فاروق جويدة ........... تم تغيير اسماء المدن
منقول
الأحد يونيو 05, 2011 4:25 pm من طرف محمد عبد المغني
» ألمانيا تحث مجلس الأمن الدولي على معالجة الوضع في اليمن في أسرع وقت ممكن
الإثنين مايو 09, 2011 5:14 pm من طرف مروان عبدالمغني
» فارس مناع : نؤكد وقوفنا إلى جانب الثورة .. وصعده جزء لا يتجزأ من اليمن الموحد
الإثنين مايو 09, 2011 5:12 pm من طرف مروان عبدالمغني
» ائتلاف الشهيد على عبد المغني
الأحد مايو 01, 2011 6:19 am من طرف محمد نبيل عبدالمغني
» ائتلاف الشهيد على عبد المغني
الأحد مايو 01, 2011 6:08 am من طرف محمد نبيل عبدالمغني
» رد الاحساس على زيرالمحبه
السبت أبريل 23, 2011 10:15 pm من طرف مروان عبدالمغني
» ساحة التغيير : يمني يصنع طائرة صغيرة استعداداُ لرحيل الرئيس صالح ( صور )
الأربعاء أبريل 20, 2011 5:01 pm من طرف محمد عبد المغني
» اجتماع استثنائي لدول مجلس التعاون في ابو ظبي لبحث أوضاع اليمن
الأربعاء أبريل 20, 2011 4:59 pm من طرف محمد عبد المغني
» مجلس الأمن الدولي يعقد أول اجتماعا له حول الأزمة اليمنية
الأربعاء أبريل 20, 2011 4:57 pm من طرف محمد عبد المغني