واقعية حدثت خلال الحرب بين إخواننا الشيشانيين وبين الروس الملحدين وقد
كتبها الأخ عبدالناصر محمد مغنم .. أما القصة فتعالوا لنقرأها معاً :
وصلت
الحدود بعد رحلة مضنية عانت فيها أشد المعاناة ، وقفت عن بعد لتتأمل
الجبال الشاهقة تعلوها قمم الثلوج البيضاء ، مشت نحو نقطة التفتيش ببطء
شديد ، تذكرت نصائح الأصدقاء حين عزمت على المجيء إلى هنا ، كلهم أنكروا
فكرتها وحاولوا إقناعها بالعدول عن هذه المخاطرة ، لم تستجب لنصائحهم وأصرت
على المجيء ، لم تكن تهتم بأي مكروه يمكن أن يقع لها ، لقد طغى على قلبها
حبها لولدها الوحيد وقررت المجيء من أجله ، وصلت نقطة التفتيش فشعرت بنبض
يتسارع ، تداخلت الأفكار في ذهنها وعملت الوساوس عملها ترى ماذا سيفعلون بي
؟ هل يطلقون النار علي ؟! أم يقومون باعتقالي كرهينة للمساومة ؟ أم يكتفون
بعودتي خائبة دون تحقيق مطلبي ؟ نظرت أمامها فرأت رجالاً يحملون السلاح
ويتلفعون بمعاطفهم اتقاء البرد وينتشرون على الطريق وفوق الهضاب ، تأملت
وجوههم فاجتاح كيانها شعور بالأمان والطمأنينة ، تقدم منها شاب وضيء زينت
محياه لحية كثة سوداء ، تبسم لها ونادى عليها ، تفضلي من هنا يا سيدة ،
تقدمت وهي تتلفت يمنة ويسرة !! هل أستطيع مساعدتك يا خالة ؟
نظرت إليه
بعينين حزينتين نعم يا بني أرجوك .. ماهي قصتك إذن ؟ إنه ولدي الوحيد !
ولدك الوحيد وماذا جرى له ؟ إنني من الروس يا بني وولدي أسير لديكم .. ماذا
أسير لدينا ؟ نعم .. نعم فقد كان جندياً يقاتل مع القوات الروسية .. وهل
تعرفين ماذا فعلوا بشعبنا يا خالة ؟ تصمت وتطأطأ برأسها .. إن ابنك واحد
منهم .. ولكنه وحيدي وقد جئت من مكان بعيد أطلب له الرحمة .. يصمت برهة
ويفكر .. حسناً سأعرض الأمر على القائد ، إنتظري هنا ريثما أعود ، وينطلق
مبتعداً عنها حتى غاب عن الأنظار ، جلست بهدوء وجعلت تتأمل حفراً قريبة من
نقطة التفتيش ، رأت السواد الكالح الذي خلفته القذائف والألغام ، بئست
الحرب هذه نقاتل شعوباً لأنها انتفضت في وجه الظلم واختارت الحرية ، ليتها
لم تكن وليتنا لم نرها .. انتبهت على صوت يناديها : تعالي أيتها العجوز
تقدمي . نهضت وأسرعت نحو الشاب الوضيء ليقودها إلى مقر القائد .. هل وافق
يا بني ؟! هل سيسمح لي برؤية ولدي ؟ إن كان حياً سترينه إن شاء الله تعالى
.. حقاً ، أشكرك يا بني .. الشكر لله يا خالة ، وتمضي معه للقائد ..
تقف
أمام رجل طويل صلب بدت عليه هيئة المقاتلين الأشداء ترجوه أن يسمح لها
برؤية ولدها ، تذكر له اسمه وصفته ، يطلب منها البقاء مع أسرته حتى يتسنى
له البحث عن ولدها بين الأسرى الموزعين في المخابئ في الجبال ، وتمكث يومين
في رعاية أسرة شيشانية كريمة فاضلة ، رأت نمطاً غريباً لم تعهده من قبل ،
شعرت بحياة جديدة مغمورة بالسعادة والهناء رغم المآسي والأحزان ، أبدت
إعجاباً شديداً ودهشة ملكت عليها لبها لذلك الترابط العجيب والتفاني الرائع
من قبل كل أفراد الأسرة ، وفي مساء اليوم الثاني عاد القائد لبيته ، وتقدم
إليها مبتسماً ليزف لها بشرى العثور على ابنها بين الأحياء ، شعرت بسعادة
غامرة ، لم تعرف كيف تشكره ، رجته أن يصحبها لرؤيته ، لا يا سيدتي هذا لا
يمكن ، أصابها الوجوم .. ظنت لوهلة أن أملها خاب . لماذا يا سيدي ؟ أرجوك
لا تتعجلي سنأتي به إليك هنا بعد قليل إن شاء الله تعالى ، وتنفرج أسارير
البشر في قلبها ، وتظهر الفرحة على محياها .. حقاً .. هل أنا في حلم يا
سيدي ؟ بل هي الحقيقة وما عليك إلا الانتظار قليلاً حتى تنعمين برؤية ابنك
سليماً معافى ، تعني أنه بخير وعافية ؟ وهل أخبرك أحد بغير ذلك ؟ لا لا ..
بلى قالوا بأنكم إرهابيون تعذبون الأسرى وتقتلون الجرحى وتسبون النساء وغير
ذلك ، وهل صدقت ما قالوا ؟ في الحقيقة .. ماذا أيتها السيدة ؟ لو صدقتهم
لما جئت إليكم بنفسي للبحث عن ولدي .. طرق شديد على الباب ، لابد أنهم
وصلوا .. يفتح الباب ليلج منه شاب وسيم يرتدي ملابس المجاهدين الشيشان ،
أمي .. أمي ، تنهض وتهرع نحوه ، ولدي حبيبي غير معقول ، كم اشتقت إليك يا
أمي (تبكي بحرقة .. تقبل وجنتيه .. تتحسس رأسه) هل أصابك مكروه يا بني ؟ بل
كل الخير يا أمي ، وهل كل الأسرى يعاملون هكذا يا بني ؟ إن أخلاق وشيم
هؤلاء الرجال دفعتني للإنضمام إليهم يا أمي .. وكيف ياولدي ؟ لقد أسلمت يا
أمي أسلمت نعم يا أمي أسلمت وعرفت الحق بفضل الله سبحانه ، ودينك ودين
آبائك وأجدادك ياولدي ؟ الدين هو الإسلام يا أمي ولايرضى الله من أحد ديناً
سواه ، ياإلهي ماذا أسمع؟ إنه الدين الذي ارتضى الله لعباده وبه وحده تسعد
البشرية ، وذلك عندما تستسلم لربها الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد
ولم يولد ، إنه دين العدل ، ودين الحرية ، ودين الفطرة ، ودين السعادة في
الدارين يا أمي ، وكيف تعلمت كل هذا ؟ ينظر إلى المجاهدين حوله ، لقد علمني
هؤلاء القرآن يا أمي فوجدت فيه ما كنت مشتاقاً لمعرفته ، وجدت فيه ما وافق
فطرتي ، وجدت فيه ضالتي ، فهو الهدى و النور وهو البيان الحق للغافلين ،
وماذا ستفعل الآن يا بني ؟! ألن تعود معي ؟ يبتسم ويتحسس رأسها بل سأبقى
هنا يا أمي ، وأنا .. أنا والدتك يا بني ؟ أسلمي لله رب العالمين ، أسلمي
يا أمي ، أسلمي وابقي معي ، تطرق قليلاً وتفكر في هذه الكلمة ، تتمتم كأنما
تحدث نفسها ، أيعقل هذا ؟ هل هذه حقيقة أم حلم ؟ إنها نعمة ساقك الله
إليها يا أمي لا تضيعيها أرجوك ، ترفع رأسها وتنظر لوجه ولدها ، تتأمل
النور في عينيه ، تنهمر الدموع على وجنتيها ، تتذكر تلك الرعاية التي عاشت
في كنفها لدى أسرة القائد ، تفكر بكل ما سمعت من قبل عن هؤلاء المجاهدين
الذين صورهم الإعلام في بلدها إرهابيين وحوشا ، وتقارن تلك الصورة بالذي
رأته بأم عينيها في جبال الشيشان ، تتقدم نحو ولدها وتبتسم له بحنان ،
وماذا يقول من يريد الدخول في الإسلام يا ولدي ؟
اللهم انصر إخواننا في الشيشان وفي كل مكان يا رب العالمين ..
الأحد يونيو 05, 2011 4:25 pm من طرف محمد عبد المغني
» ألمانيا تحث مجلس الأمن الدولي على معالجة الوضع في اليمن في أسرع وقت ممكن
الإثنين مايو 09, 2011 5:14 pm من طرف مروان عبدالمغني
» فارس مناع : نؤكد وقوفنا إلى جانب الثورة .. وصعده جزء لا يتجزأ من اليمن الموحد
الإثنين مايو 09, 2011 5:12 pm من طرف مروان عبدالمغني
» ائتلاف الشهيد على عبد المغني
الأحد مايو 01, 2011 6:19 am من طرف محمد نبيل عبدالمغني
» ائتلاف الشهيد على عبد المغني
الأحد مايو 01, 2011 6:08 am من طرف محمد نبيل عبدالمغني
» رد الاحساس على زيرالمحبه
السبت أبريل 23, 2011 10:15 pm من طرف مروان عبدالمغني
» ساحة التغيير : يمني يصنع طائرة صغيرة استعداداُ لرحيل الرئيس صالح ( صور )
الأربعاء أبريل 20, 2011 5:01 pm من طرف محمد عبد المغني
» اجتماع استثنائي لدول مجلس التعاون في ابو ظبي لبحث أوضاع اليمن
الأربعاء أبريل 20, 2011 4:59 pm من طرف محمد عبد المغني
» مجلس الأمن الدولي يعقد أول اجتماعا له حول الأزمة اليمنية
الأربعاء أبريل 20, 2011 4:57 pm من طرف محمد عبد المغني